رواية مزيج العشق جميع الفصول كامله بقلم الكاتبة نورهان محسن
رواية مزيج العشق جميع الفصول كامله بقلم الكاتبة نورهان محسن
امام باب قصر البارون
خرجت كارمن معه من باب القصر، وسارت بجواره، وعندما نزلوا الدرج البسيط، توجه أدهم إلى سيارته، ظنًا منه أنها ستتبعه.
لكنها تجاوزت سيارته بتحدى، وكأنه شفاف امامها لا تراه ولا وجود له، وذهبت إلى إحدى سيارات الحراس الواقفة أمامهم، وركبت في الخلف دون أن تنطق بكلمة واحدة.
في الحديقة الخلفية للقصر
جلست ليلى ومريم بعد خروج أبنائهما، وبدت ملامح مريم مشوشة وقلقة، فوجئت ليلى لأمرها، لأنها منذ قليل كانت طبيعية تمامًا.
مريم بتنهيدة: مش عارفه يا ليلي قلقانه علي كارمن
ليلي بتساؤل: ازاي يعني مالها كارمن؟
أجابت مريم بحيرة: يعني مابقتش تقعد معايا زي الاول وتفضفضلي باللي بيحصل معها ودي مش طبيعتها معايا من وهي صغيرة بتناقشني في كل امورها
مريم بإصرار: لا من وقت مoت عمر الله يرحمه وجوازها من ادهم وهي متغيره حاسة انها مخبية عني حاجة سكوتها مش مريحني وكمان انتي مش ملاحظة ان في توتر بينها وبين ادهم
مريم بتأكيد: بالظبط يبقي اكيد في بينهم مشكلة
ليلي بتنهيدة: طيب لما ترجع كارمن بهدوء كدا استفسري منها لو في حاجة بينهم نحاول نصلحها.. انا كان قلبي ارتاح من تغيير ادهم من يوم جوازه منها والله يا مريم نفسي الاتنين يحبو بعض ويعيشو حياتهم مبسوطين مع بعض
همست ليلي بحزن: لازم نعذرها يا مريم يعني هي عاشت مع عمر كذا سنه ازاي نتوقع منها تنساه في كام شهر
تحركت ليلي قليلا، تربت علي كف مريم بلطف، لتقول بفهم: مفيش حاجة يا حبيبتي.. تعرفي انا حاسه ان في بينهم مشاعر مستخبية جواهم بس زي ما كارمن عنيدة ادهم كمان عنيد ومحتاجين وقت عشان التلج اللي بينهم يتكسر
مريم بنبرة هادئة: ربنا يهديهم لبعض ويطمنا عليهم
ليلي بهمس: امين يارب
في الشركة
ساروا معًا وتوجهوا مباشرة إلى المصعد، وعندما أغلق الباب، كانت تقف بجانب لوحة التحكم على اليمين، لذلك رفع أدهم ذراعه الأيسر تلقائيًا للضغط على زر الطابق الذي سيصعدون إليه.
بينما كانت كارمن في عالم آخر بسبب اضطراب جسدها من وقوفه بالقرب منها، ومن رائحة عطره المثيرة التي تخدر أطرافها حرفيًا ولا تستطيع التركيز.
فوجئت بحركة يديه وأساءت تفسيرها، فتراجعت وانكمشت في ذعر بجوار لوحة التحكم.
نظر إليها وهو يرآها خوفها الغير مبرر، ولكي يحرق أعصابها اكثر كما تفعل معه رفع ذراعيه ببطء، ووضع كلتا يديه حولها على جدار المصعد بسماجة، فأصبحت محاصرة منه ولا يفصل أجسادهم عن بعضهم البعض إلا إنشأت صغيرة جدًا
تبادلوا النظرات العميقة التي حملت الكثير والكثير من المشاعر في قلوبهم يصعب ترجمتها في بضعة كلمات، لكنها لم تستطيع الصمت مدة طويلة، فقالت بخفوت بينما ترمش بسرعة: انت واقف كدا ليه.. من فضلك اقف بعيد شوية
رفع أدهم حاجبه قائلا بعناد مشاكس: لا مش هبعد هتعملي ايه يعني؟
همست كارمن برجاء وارهاق: ادهم بقولك من فضلك
تشدق صدغ ادهم قائلا بسخرية لاذعة: ماشي بس مافيش داعي لنظرة الخوف اللي في عينيكي دي انا مش هاكلك في الاسانسير يعني
وانتقل بعيدًا إلى الركن الآخر من المصعد، وظل الصمت سيد الموقف حتى وصل بهم المصعد بعد لحظات إلى الطابق المطلوب.
تقدمها بالسير لأن خطواتها كانت بطيئة بشكل متعمد، وهي تعبر ذلك الممر الذي التقيا فيه لأول مرة.
وقفت تنظر إلى اللوحة المعلقة على الحائط، وشردت بذاكرتها تستعيد كل التفاصيل التي حدثت في ذلك الوقت، تتذكر ذلك الشعور الغريب الذي اجتاح قلبها في تلك اللحظة عندما اقترب منها.
اتسعت عيناها مصدومة من حقيقة شعورها، حيث لم تعد تمتلك خيار سوى الاعتراف لنفسها قبل أي شخص آخر.
حيث ينبض قلبها بجنون داخل صدرها في كل مرة تفكر فيه، وتشتعل المشاعر بداخلها عندما تراه، وتتألق عيناها بشغف وهي تتأمله في الخفاء وتتوق للتحدث معه حتى لو تشاجره، وغيرتها عليه، ومحاولتها لإستفزاز غيرته عليها، ولن تنكر استجابة جسدها للمساته هذا الصباح، بل زاد شوقها ولهفتها له أكثر.
تشعر بألم غريب في قلبها من ذلك الجدار الذي يفصلها عنه، تريد بشدة كسره لتتخطاه، وترتمي بين ذراعيه، وتبوح بكامل الأحاسيس التي تكنها له وتعصف داخلها، فهي أصبحت منغمسة لأذنيها في بحار عشقه.
سوف تصاب بالجنون من كثرة التفكير.
كيف اخترق حبه قلبها رغم كل تحذيرات عقلها لها بعدم الانجراف في تيار عشقه
استيقظت من دوامة أفكارها، وأطلقت أنفاسها المحبوسة لتهرب من صدرها، وهي تمسح الدموع التي علقت برموشها بسبب الأحاسيس المفرطة التي شعرت بها دون توقع، ثم رفعت ذراعيها لتعيد شعرها خلف كتفيها، وذهبت إلى المكتب.
مرت بمكتب السكرتارية ووجدته خاليًا، فدارت عينيها حول المكان وزادت حيرتها.
أين ذهبت تلك الخبيثة ؟
اتسعت عيناها من الرعب، عندما استنتجت أنها قد تكون بالداخل مع أدهم وحدهم.
دوي إنذار الغيرة في قلبها، فتأهبت لمعركة دامية، فإذا وجدتها تتدلل عليه في الداخل، سوف تقوم بتحطيم رأسها.
كما أنها تحتاج أن تفجر الغضب المكتوم بداخلها في أي مخلوق لكي تهدأ، وهي الأنسب لهذه المهمة.
بدأت ترفع طرفي اكمام بلوزتها استعدادا لنتف هذه المرأة الملعونة، وهي تهمس لنفسها بجنون وشراسة: والله لو لاقيتك بتتدلعي عليه لا اكون مقطعاكي بأسناني يا بنت القرعة
هرعت إلى مكتب أدهم وفتحت الباب فجأة دون أن تطرقه.
تنفست الصعداء عندما رأت أنه يقف بمفرده أمام مكتبه وظهره لها، وكان يرتب بعض الملفات، وقد خلع سترته ووضعها خلف مقعده وراء المكتب، ودون أن يلتفت إليها تحدث ببرود: اعملي حسابك ان الفترة دي انتي اللي هتمسكي شغل السكرتارية
رفعت كارمن حاجبيها متسائلة بصوت مبحوح: اشمعنا راحت فين السكرتيرة؟
اردف أدهم بنفس نبرة الفتور في صوته حيث كان لا يزال يعطي لها ظهره: رفدتها امبارح
فوجئت كارمن بهذا الخبر قائلة بدهشة: ليه!!
رمقها بنظرة ذات مغزي، بينما تغيرت نبرة صوته للجدية الشديدة: عشان كان ممكن يحصلك حاجة امبارح بسبب كذبها عليا ولولا ان ربنا ستر كنت دفنتها مكانها مش رفدتها
اتسعت عيناها بذهول من كلماته الجادة التي أحست منها بمدى خوفه الشديد وقلقه عليها.
لا تنكر أن قلبها يرقص فرحا، لأنه طرد تلك الحقيرة لأجلها، لكن كرامتها جعلتها تأبي إظهار هذه الفرحة له.
عقدت كارمن ذراعيها أمام صدرها، ونظرت اليه متظاهرة بالهدوء قائلة ببرود: لا مش هي السبب خالص انت اللي مش عندك ثقة فيا
ضاقت عيناه وسار أدهم نحوها ووقف أمامها مباشرة، قائلا باستنكار: انتي ايه اللي بتقوليه دا !! انا واثق فيكي طبعا