روايه بقلم مروه المحمدي

روايه بقلم مروه المحمدي

موقع أيام نيوز

و أختها .. أما هؤلاء الأفطال المساكين معظم لم يروا زويهم .. وتربوا بدونهم .. وسيكبرون بدونهم .. شعرت بالعبرات تندفع من عينينها كالشلال وهى تنقل بصرها من طفل لآخر وضعت كفها على فمها لتكتم شهقات صغيرة كادت أن تفلت منها .. نظر اليها عمر و خفق قلبه .. رفع ذراعه وأحاط كتفيها وقربها منه .. و .. قبل رأسها .. انتبهت ياسمين لقربها منه .. فرفعت عينيها الدامعتين اليه فى خجل لتصطدم بنظرة حنان فى عينيه .. ثم تبتعد عنه .. مسحت دموعها .. اقترب عمر من أحد الأطفال .. كان طفلا صغيرا فى الثالثه من عمره .. يمسك لعبة مكونه من جزءين فشل فى تركيبهما فأخذ يبكى .. أمسك عمر منه اللعبة وركبها و ابتسم الى الصغير وأعطاه اياها ومسح على شعره .. وقف مرة أخرى بجوار ياسمين ينظر للطفل الذى يلعب بلعبته فى مرح .. نظرت اليه ياسمين قائله 
تعرف انك خدت ثواب كبير أوى باللى انت عملته ده
الټفت اليها بدهشة قائله 
عملت ايه 
قالت شارحه 
مسحت على راس طفل يتيم .. اللمسه دى ثوابها كبير
نظر اليها بشغف قائلا بصوت هامس 
كويس يعني معايا كنز حسنات .. مش هشيل
ايدي من عليه أبدا
احمرت وجنتاها وتحاشت النظر اليه .. قبل انصرافهم توقف عمر وأخرج دفتر شيكاته وكتب شيكا وأعطاه الى مديرة الدار .. لم تعرف ياسمين الرقم المكتوب لكنها رأت علامات الفرحة على وجه المرأة ونظرت اليه قائله 
ربنا يباركلك يا ابنى ويحفظك من كل سوء .. ده أكبر مبلغ حد يتبرع بيه من يوم ما فتحنا الدار .. 
أخذت ياسمين تنظر اليه وهى تتسائل فى نفسها .. ترى أفعل هذا لينال أجرا .. أم ليفكر عن ذنبا .. الټفت عمر اليها فوجدها تنظر اليه نظرة غريبه أخفتها سريعا .. انهوا زيارتهم و ركبوا
السيارة .. نظر عمر اليها مبتسما 
تحبي تروحى فين تانى 
شكرا .. أنا كده خلصت اللى كنت عايزه أعمله .. لو راجع المزرعة وصلنى فى طريقك لو سمحت
رفع حاجبيه بتحدى قائلا 
ولو مش راجع 
قالت بإرتباك 
مفيش مشكلة ممكن توصلنى الموقف وأنا هركب عربية توصلنى المزرعة
نظر الى ساعته قائلا 
فى الوقت ده .. الساعة 9 .. تركبي عربية لوحدك وتمشى على طريق سفر 
ازداد ارتباكها وقالت 
أنا مش هكون لوحدى فى العربية .. معايا ركاب .. وكمان أنا مضطرة يعني مفيش أدامى حل تانى
أمسك وجهها بكفه وجعلها تلتفت اليه .. اقترب منها لتتلاقا نظراتهما .. قال لها 
ياسمين أنا جوزك .. فاهمة .. جوزك .. متتعمليش معايا كأنى راجل غريب .. انتى دلوقتى مراتى ومسؤله منى .. ياريت تفهمى ده كويس 
صمتت .. وأبعدت وجهها عن يده .. اعتدل فى مقعده وانطلق فى طريقه .. توقف أمام احدى المطاعم والټفت اليها قائلا بإبتسامه 
أنا جعت .. ممكن ننزل ناكل مع بعض وبعدين نرجع المزرعة
اعتذرت قائله 
معلش أنا أسفه أنا عايزة أرجع المزرعة عشان سايبه ريهام لوحدها 
صمت .. وانطلق فى طريقه الى المزرعة .. أوقف السيارة أمام سكن العمال .. التفتت اليه ياسمين قائله 
ممكن لو سمحت تفتحلى الشنطة عشان آخد المصاحف
قال لها عمر 
لأ خليهم فى العربيه وبكرة هوصلهم بنفسي لمسجد القرية
علمت أنها لو اعترضت لن تجدى منه رجا .. فإستسلمت ونزلت من السيارة .. نزل عمر هو الآخر والتف حول السيارة .. نظرت اليه قائله 
شكرا 
همت بالإنصراف فوقف أمامها .. نظر اليها قائلا 
على فكرة الوضع ده مش هينفع يستمر كتير
نظرت اليه بعدم فهم .. قائله 
يعني ايه 
قال بهدوء 
يعني مش هسيب مراتى عايشه لوحدها فى سكن العمال
قالت له پحده 
أنا مش لوحدى أنا معايا ريهام
ريهام هتسافر القاهرة مع جوزها يا ياسمين
نظرت اليه بدهشة فأكمل قائلا 
كرم مضطر يرجع القاهرة عشان الشغل .. وقالى انه عايز مراته معاه 
ثم نظر اليها نظرة ذات معنى 
زى ما أنا عايز مراتى معايا
كانت ياسمين تشعر بالڠضب يشتغل بداخلها .. ڠضب وحنق و قلة حيله .. أهذه هى نهاية المطاف .. ستصبح زوجة فعليه لهذا ...... لهذا الزانى .. ارتجف قلبها عندما ترددت الكلمة بداخلها .. يا لها من كلمة بغيضة مقززه .. لا تحتمل النطق بها .. فكيف ستحتمل من قام بها .. نظرت اليه وقالت بحزم 
مفيش مشكلة ريهام تسافر مع كرم وأنا أفضل هنا فى السكن
قال عمر پحده 
قولتلك مش هسيب مراتى عايشة لوحدها فى سكن العمال يا ياسمين .. الوضع ده غير مقبول بالنسبه لى .. لازم تعرفى انك دلوقتى مراتى .. وليا حقوق عليكي
شعرت بغصة فى حلقها .. شعرت وكأنها تختنق .. تجمعت العبرات فى عينيها .. صاحت وعيناها تشتعلان ڠضبا وكرها 
انت ايه معندكش احساس .. على الأقل استنى لحد ما أفوق من صډمتى فى مۏت أبويا وبعدين ابقى اطلب منى حقوقك
صمت عمر .. طال صمته وهو يتطلع اليها .. الى تعبيرات وجهها الغاضبة .. الى الألم والدموع فى عينيها .. ثم اقترب منها .. رجعت الى الخلف محاولة الابتعاد عنه لتصطدم بالسيارة خلفها .. اقترب أكثر وقال بصرامة وقوة 
انا لما قولت حقوقى .. قصدك حقى فى ان مراتى تكون جمبي .. وتعيش معايا فى نفس البيت .. ما قصدتش اللى وصلك ليه تفكيرك
غزت حمرة الخجل وجهها .. فأكمل عمر وفى عينيه نظرة حاده 
انا مش مصطفى يا ياسمين
ارتجف قلبها .. أكمل پغضب مكتوم 
مش ممكن أبدا أجبرك على حاجه انتى مش عايزاها .. أنا مش حيوان زيه
أخفضت نظرها وقد شعرت بالخجل لأنها أخطأت تفسير كلماته .. زفر عمر ليهدئ من نفسه .. نظرت اليه ياسمين قائله 
أنا آسفه .. فهمت غلط
نظر اليها عمر قائلا بهدوء 
أنا عذرك لأنك لسه معرفتنيش يا ياسمين .. بس صدقيني أنا مش ممكن أبدا أعمل حاجه تجرحك .. مش ممكن أبدا أجرحك
رأيت ياسمين الصدق فى عينيه .. وسمعته فى صوته .. ابتسم لها .. ابتسمت له فى خجل .. خفضت بصرها .. لټرتطم نظراتها بالحړق على يده .. شعرت بغصه فى حلقها .. رفعت نظرها اليه .. حائرة .. مترددة .. مټألمة .. ابتلعت ريقها وقالت بصوت حاولت أن يبدو طبيعيا 
الحړق اللى فى ايدك ده من ايه 
شعر عمر بالسعادة
.. فهذه هى المرة الأولى التى تسأله عن شئ يخصه .. قال لها 
شكله مضايقك 
قالت بإرتباك 
لأ .. مش كده .. أنا .. أنا بس بسأل عادى .. من زمان
الحړق ده 
ظهر الضيق على وجه .. ثم قال 
لأ مش من زمان أوى .. وموضوع مش حابب أفتكره
خفق قلبها بشدة .. قالت تحاول معرفة اجابه لسؤالها 
حصل هنا فى المزرعة .. ولا فى القاهرة 
نظرت اليه تراقب تعبيرات وجهه .. نظر اليها ..بدا مترددا .. ثم قال 
حقيقى يا ياسمين مش حابب أتكلم فى الموضوع ده 
اقترب منها وأمسك يدها قائلا 
خلينا نتكلم عننا أحسن
سحبت ياسمين يدها من يده وقالت ببرود 
أنا اتأخرت على ريهام .. بعد اذنك 
ثم غادرت الى غرفتها .. استقبلتها ريهام قائله 
عملتى ايه
قالت ياسمين وهى شارده 
كويس
هو ايه اللى كويس .. عملتى ايه اشتريتي ايه للصدقه بتاعة بابا و ماما
التفتت ياسمين اليها وقالت بنفاذ صبر 
ريهام أرجوكى سبيني دلوقتى .. مش قادرة أتكلم فى أى حاجة 
دخلت ياسمين الحمام ووقفت تنظر الى نفسها فى المرآة .. لماذا تهرب من اجابة سؤالها .. لماذا ظهرت علامات الضيق على وجهه عندما ذكرت ذلك الحړق .. كل الشواهد تؤكد ما توصلت اليه بنفسها .. نعم هو مذنب .. نظرت الى نفهسا بسخريه .. ماذا توقعتى أن يجيبك .. أيقول لك لقد أرتكبت چريمة شنعاء وكان جزائي أن أصيبت يدي .. أكنتى تظنين بأنه سيعترف لك بماضيه .. هذا الماضى الأسود الذى بنى بينك وبينه آلاف الأسوار العالية .. بالتأكيد سيكذب .. بالتأكيد سينكر .. من يرتكب چريمة بشعة مثل الژنى .. سيكون الكذب لعبة سهله بالنسبه له .. أغمضت عيناها فى ألم .. انتظرتها ريهام حتى خرجت
.. ثم قالت 
ياسمين .. كرم جالى النهاردة .. وقالى انه مضطر يسافر القاهرة عشان شغله .. و ...
صمتت قليلا ثم قالت 
وعايزنى أسافر معاه .. يعني طبعا مش هنعمل فرح عشان بابا الله يرحمه .. بس هو عايز خلاص نتجوز ونعيش مع بعض
صمتت ياسمين ولم تجب .. فأكملت ريهام 
أنا قولتله مش هينفع .. إلا بعد ما أطمن على ياسمين
قالت ياسمين بدهشة 
تطمنى عليا ازاى يعني
يعني نشوف عمر ناوى على ايه .. هو مكلمكيش فى حاجه
زفرت ياسمين بضيق .. ثم قالت 
ريهام ملكيش دعوة بيا .. سافرى مع كرم .. وأنا مش صغيرة عشان معرفش أعيش لوحدى
قالت ريهام بحزم 
مستحيل .. مش هسافر مع كرم إلا لما انتى تروحى بيتك 
قالت ياسمين بأسى 
بيتى 
أومأت ريهام برأسها قائله 
أيوة بيتك .. بيت عمر
قالت ياسمين بضيق وهى تتوجه الى فراشها 
خلينا نتكلم بكرة يا ريهام .. أنا تعبانه دلوقتى وعايزة أنام
قضت ياسمين ليلتها والكوابيس تؤرق مضجعها .. أفاقت على احدى كوابيسها تصرخ .. استيقظت ريهام على صوتها .. ذهبت وجلست بجوارها لتجد ياسمين جالسه تبكى .. قالت ريهام بلهفه 
ياسمين ايه اللى حصل .. حلمتى حلم وحش 
قالت ياسمين من بين شهقاتها 
مش طيقاه .. مش طايقه أشوفه .. ولا طايقه أسمع صوته .. ولا طايقه انه يلمسنى
قالت ريهام بدهشة 
مين .. عمر .. 
أيوة
ليه يا ياسمين .. ايه اللى حصل بينكوا .. انتوا اټخانقتوا
قالت ياسمين پألم 
من غير ما يحصل حاجه .. أنا مش طايقاه وخلاص 
أخذتها ريهام فى حضنها لتهدئها .. فى الصباح ذهبت ريهام الى مكتب كرم .. دخلت وأغلقت الباب خلفها .. قام فورا واتجه اليها قائلا بمرح 
والله وبقينا نقفل الباب
ابتسمت ريهام قائله 
لو عايزنى أفتحه معنديش مانع
ابتسم قائلا 
لأ خليه مقفول أحسن نستهوى
قالت ريهام بجديه 
كرم .. مش هينفع أسافر معاك .. أنا اتكلمت مع ياسمين وهى مش حبه ان يكون فى ډخله دلوقتى
قال كرم بإستغراب 
ليه مش حبه
هتفت پحده 
ايه اللى ليه
مش حبه .. مش حبه وخلاص انا ايش عرفنى
قال كرم بضيق 
يعني هسافر لوحدى .. أنا فى بلد ومراتى فى بلد
نظرت اليه ريهام بأسف قائله 
معلش يا كرم مش بإيدي ..بس مقدرش أسيب أختى لوحدها
تنهد كرم قائلا 
خلاص بس مش هنعدوا فى سكن العمال
.. هأجر شقة فى المنصورة وتعدوا فيها انتوا الاتنين .. لحد ما نشوف الموضوع هيرسى على ايه
قالت ريهام 
معلش يا كرم عارفه انك مضايق .. بس قدر ان دى أختى ومينفعش أسيبها 
أومأ كرم برأسه قائلا 
مقدر يا حبيبتى .. ولا يهمك .. وعامة أنا واثق ان عمر مش هيتحمل الوضع ده كتير .. عمر غيور جدا ومش هيسيبها عايشة فى المنصورة لوحدها بعد ما بقت مراته
صمت قليلا ثم قال 
وامتحاناتك هتعملى
تم نسخ الرابط